"نيويورك تايمز": ضباط إسرائيليون يحذّرون من مجاعة وشيكة في غزة

"نيويورك تايمز": ضباط إسرائيليون يحذّرون من مجاعة وشيكة في غزة
تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة

أقرّ ضباط في الجيش الإسرائيلي، خلال جلسات غير معلنة، بأن قطاع غزة يقترب من مجاعة واسعة النطاق في حال استمرار القيود المفروضة على دخول المساعدات الغذائية.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الثلاثاء، جاء ذلك في تقارير وتحليلات داخلية، اطلع عليها ثلاثة مسؤولين دفاعيين إسرائيليين، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

وأشار الضباط إلى أن نقص الإمدادات قد يؤدي خلال أسابيع إلى نفاد الكميات الأساسية من الغذاء اللازمة لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية في أجزاء واسعة من القطاع.

رفضت الحكومة الإسرائيلية علنًا التوصيفات الدولية بأن الحصار يُهدد حياة المدنيين، لكنها لم تردّ رسميًا على ما توصل إليه الضباط الميدانيون، الذين دعوا إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتأمين تدفق المساعدات تجنبًا لانهيار الوضع الإنساني.

أزمة إنسانية تتفاقم

أكد ضباط معنيون بمتابعة الوضع الإنساني أن توسيع المساعدات يتطلب وقتًا طويلًا، وأن أي تأخير في إيصالها سيفاقم الأزمة، خاصة مع تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية.

وتزامنت هذه التحذيرات مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجيش سيكثف عملياته في غزة لـ"إنهاء المهمة"، بعد مرور أكثر من 19 شهرًا على اندلاع الحرب، دون تحقيق الهدفين المعلنين: القضاء على حماس واستعادة الرهائن.

وكشفت تحليلات الضباط عن وجود تعارض واضح بين الخطاب الرسمي الإسرائيلي والمداولات الداخلية بشأن الوضع في غزة.

وانضمت تقييمات الضباط إلى ما أكدته وكالات الإغاثة منذ أشهر، بأن غزة تواجه كارثة غذائية، وأشار تقرير حديث لمبادرة "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي"، بدعم من الأمم المتحدة، إلى أن المجاعة باتت وشيكة، محذرًا من أن الغالبية العظمى من سكان القطاع قد تُحرم من الغذاء والماء والدواء في حال تصعيد العمليات.

معظم المخابز توقفت

أفادت تقارير دولية بأن معظم المخابز توقفت عن العمل، كما أغلقت مطابخ الجمعيات الخيرية، وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة نفاد مخزونه الغذائي.

تحدث مدنيون عن تقليص الوجبات اليومية، وارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى مستويات خيالية، وقال فلسطينيون إن سعر الدقيق تضاعف 60 مرة منذ فبراير الماضي، في ظل موجات نهب نتيجة الانهيار الاقتصادي والمعيشي.

وأطلع ضباط من "مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق" (COGAT) قيادات عليا على تقييم ميداني مفاده أن الإمدادات في غزة قد تنفد خلال أسابيع قليلة.

عرض جنرال إسرائيلي تقريرًا أمام مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، حذر فيه من انهيار كامل في قدرة القطاع على تأمين الاحتياجات الأساسية، وجاء هذا التحذير بعد تحليل دقيق لمخزون المساعدات، ومحتويات الشاحنات، وتقييم مباشر للوضع من خلال التواصل مع سكان غزة ومنظمات الإغاثة.

تحذيرات الأمم المتحدة

دعا مجلس الأمن الدولي إلى جلسة طارئة، بطلب من بريطانيا وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية، لبحث الأوضاع الإنسانية في غزة.

اتهم منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، توم فليتشر، إسرائيل بفرض "ظروف غير إنسانية عمدًا ودون خجل"، وحث أعضاء المجلس على التحرك الجاد لمنع ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية".

انضم 14 من أصل 15 عضوًا في المجلس إلى الدعوة لإدخال المساعدات الإنسانية فورًا، باستثناء الولايات المتحدة التي واصلت دعم إسرائيل.

وأكدت وكالات الإغاثة أن القيود المفروضة على إدخال المساعدات تُعد غير قانونية بموجب القانون الدولي، وأن المدنيين هم المتضرر الأكبر.

العيش على وجبات قليلة

قال خليل الحلبي، موظف متقاعد في الأمم المتحدة من غزة، إن وزنه انخفض من 210 أرطال إلى 130 فقط، مضيفًا أنه يعيش على وجبات قليلة جدًا.

أشار إلى أن ابنته لا تستطيع إرضاع طفلها لعدم توفر الغذاء الكافي، كما لا يوجد حليب أطفال متوفر في الأسواق.

وطرحت إسرائيل، بدعم من إدارة ترامب، خطة لتوزيع الغذاء في غزة عبر عدد محدود من المراكز، يُشرف عليها الجيش الإسرائيلي، وتؤمنها شركات أمن خاصة.

ورفضت منظمات الإغاثة الدولية الخطة، معتبرة أنها تُعرض المدنيين للخطر، وتُجبر السكان على السير لمسافات طويلة، وتقوض النظام القائم الذي يضم نحو 400 نقطة توزيع.

وحذرت الأمم المتحدة من أن هذه الخطة قد تُسهم في تهجير المدنيين من شمال غزة إلى الجنوب، وتُجبرهم على العبور من خلال نقاط عسكرية، ما يُعرّضهم للاعتقال أو الاستجواب.

الحصار يشكل جريمة

حذر خبراء في القانون الدولي من أن فرض حصار يؤدي إلى تجويع السكان يُعد انتهاكًا خطِرًا للقانون الإنساني الدولي.

وقالت جانينا ديل، من معهد أكسفورد للأخلاقيات والقانون، إن استخدام الحصار لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية يُعد "جريمة حرب"، لا سيما إذا اعترف صناع القرار بذلك صراحة.

وأضافت أن كل دولة تعلم بأن نتائج الحصار ستؤدي إلى مجاعة، تكون ملزمة قانونيًا بوقفه فورًا، وإلا تتحمل مسؤولية قانونية أمام المجتمع الدولي.

 

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية